Golongan Murjiah


- أزمة الخلافة والامامة - أسعد وحيد القاسم  ص 255 :

1 - المرجئة :

وهم الذين قالوا لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، ويرون تقديم الإيمان وإرجاء العمل . ويقولون أن المعرفة والاعتقاد القلبي كافيان للفوز بالجنة والسعادة الأخروية ، حتى لو لم يصلوا ويصوموا ( 1 ) .

وأول ما أطلق هذا الاسم على الذين اجتمعوا مع معاوية بعد مقتل الإمام علي عليه السلام ، وسموا المرجئة لأنهم والوا المتنازعين جميعا " في الجمل وصفين ، وقالوا : أن أهل القبلة كلهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان ، ورجوا لهم جميعا " المغفرة ( 2 ) .

ويرى المؤرخون أن هذه الفرقة نشأت أساسا " بإيعاز ودعم من الحكم الأموي ، فحكمت بمشروعية حكمهم ، وتركت الحكم فيما اقترفوه من الأحداث الجسام إلى الله تعالى ، فهو الذي
يحكم بين عباده بالحق يوم القيامة ، والمسلم يكفي أن يكون مسلما " ، وليس لأحد أن يخوض في أعمالهم أو يحكم عليهم بشئ من عنده ( 3 ) . 
 
( 1 ) شريف الأمين ، معجم الفرق الإسلامية ، ص 219 .
( 2 ) المصدر نفسه ، ص 221 .
( 3 ) باقر شريف القرشي ، موسوعة الإمام الصادق ، ج 7 ص 212 . ( * )


- ص 256 -

ويقول الخليفة المأمون : ( أن الإرجاء دين الملوك ) ( 1 ) .
وقد كان واضحا " أن هذه الفرقة كانت فعلا " أحد أجهزة السلطة الأموية آنذاك ، ثم تحول فكر المرجئة كأداة للسلطات الحاكمة في كل العصور لتبرير سياسة الحاكمين والحيلولة دون نقدها في حالة مخالفتها لأحكام الشريعة .
 

 2 - المجبرة :
وهم الذين قالوا أن العبد مجبر على ما هو فيه من طاعة أو معصية ، ويسمون أيضا " بالقدرية لقولهم أن كل حادث حسنا " كان أو قبيحا " هو بقضاء الله وقدره .

وهم الذين وقفوا مع معاوية في حربه ضد الإمام علي عليه السلام ، وقالوا أن كل ما حصل بينهما كان بقضاء الله وقدره ولا ذنب لهما فيه ( 2 ) .

وهذا معاوية نفسه يقول في إحدى خطبه : ( أن الله يقول :( وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ) [ الحجر / 2 ] فلم نلام نحن ؟ فقام إليه الأحنف فقال : إنا لا نلومك
على ما في خزائن الله ، ولكن نلومك على ما أنزل الله علينا من خزائنه فأغلقت بابك دونه يا معاوية ) ( 3 ) .

وأما الحجاج ، فقد قال بعد أن قتل رجلا " لإظهاره حب الإمام علي عليه السلام : اللهم أنت قتلته ولو شئت لمنعتني منه ( 4 ) .

وهكذا فإن بني أمية - كما يذكر المؤرخون - كانوا يركزون على مسألة الجبر لتبرير سلوكهم ومظالمهم ضد المسلمين ليكونوا معذورين ، فقتلوا معبد الجهني ( على يد الحجاج سنة 80
هجرية ) ، وغيلان الدمشقي ( على يد هشام بن عبد الملك سنة 106 هجرية ) لقولهما بحرية الإرادة ( 5 ) . 
 
( 1 ) المصدر نفسه .
( 2 ) أحمد اليماني ، المنية والأمل في شرح الملل والنحل ، ص 105 .
( 3 ) المصدر نفسه . ( 4 ) المصدر نفسه ، ص 87 .
( 5 ) مفيد الفقيه ، العقل في أصول الدين ، ص 27 . ( * )


- ص 257 -

وقد انقسمت الجبرية إلى قسمين : متوسطة وهي التي تثبت للعبد كسبا " في الفعل كالأشعرية ، وخالصة لا تثبت للعبد أي فعل كالجهمية والنجارية والضرارية ، وبهذا يلزمهم نفي التكليف الذي أوجبه الشرع ( 1 ) .

 3 - أهل الحديث : وتشكلت هذه الفرقة أساسا " من الذين عملوا على جمع الأحاديث تدوينها في القرن الثاني الهجري ، وبنوا عقائدهم وأحكامهم بالاعتماد الكلي على ظواهر الآيات
والروايات التي رواها الصحابة والتابعون الأوائل عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويحرمون تأويلها ، فكثر فيهم من يقولون بأن الله جسم ينتقل ويحرك أعضاءه كاليد والرجل والوجه .

وهم يحرمون المناظرات الكلامية أو المناقشات الفلسفية المتعلقة مثلا " بالقضاء والقدر أو التطرق بالحديث عن خلافات الصحابة ومواقع كالجمل وصفين وكربلاء .

وهم بذلك عملوا على إعدام العقل في مجال التعامل مع الأحاديث والعقائد المأخوذة منها ، أو أي قضية حصل حولها الجدال .

وقد كانت فرقة أهل الحديث تمثل الغالبية العظمى لأهل السنة زمن الأمويين وبداية العصر العباسي ، وكانت على أقسام حسب درجة تعامل أصحابها مع الأحاديث لا سيما فيما يتعلق
بتحقيق الأسانيد والرواة ، فكان منهم ممن عرفوا بلقب ( الحشوية ) لأنهم كانوا يحشون الروايات التي لا أصل لها ويقبلونها على علاتها دون أي تحقيق .

وكان الإمام أحمد بن حنبل ( 160 - 241 هجرية ) أشهر رجال الحديث المحققين حيث عمل على تنظيم الأحاديث المروية وتوحيد العقائد ( السنية ) ، والتي يمكن إجمال أهمها في النقاط التالية حسب ما جاء في رسالة له ( 2 ) : 
 
( 1 ) شريف الأمين ، معجم الفرق الإسلامية ، ص 81 .
( 2 ) أحمد حنبل ، السنة ، ص 44 - 50 ( بتصرف ) . ( * )


- ص 258 -
في صفات الله جل وعلا : الله تعالى سميع وبصير وجواد وحليم وحفيظ ويقظان وقريب ويتكلم ويسمع وينظر ويبصر ويضحك ويفرح ويحب ويكره ويبغض ويرضى ويغضب ويسخط
ويرحم ويعفو ويعطي ويمنع وينزل إلى السماء الدنيا كيف يشاء ، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرب عز وجل يقلبهما كيف يشاء ويوعيها ما أراد .

وخلق الله عز وجل آدم بيده ، والسماوات والأرض يوم القيامة في كفه ، ويخرج قوما " من النار بيده .
في الاستواء على العرش : خلق الله سبع سماوات ، وسبع أراضين ، والماء فوق السماء السابعة وعرش الرحمن تبارك وتعالى فوق الماء ، والله عز وجل على العرش .

في رؤية الله جل وعلا : ينظر أهل الجنة إلى وجهه ، ويرونه فيكرمهم ويتجلى لهم فيعطيهم ، ويعرض عليه العباد يوم الفصل والدين ، ويتولى حسابهم بنفسه ، لا يولي ذلك غيره .
في القرآن الكريم : هو كلام الله ، ليس بمخلوق ، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر .
في القضاء والقدر : الله عز وجل قضى قضاءه على عباده ، لا يجاوزون قضاءه ، بل كلهم صائرون إلى ما خلقهم له ، واقعون فيما قدر عليهم لا محالة ، وهو عدل منه عز وجل .
ومن زعم أن الله عز وجل شاء لعباده الذين عصوا الخير والطاعة ، وأن العباد شاؤوا لأنفسهم الشر والمعصية فقد زعم أن مشيئة العباد أغلب من مشيئة الله عز وجل .
فأي افتراء على الله أكبر من هذا ؟
ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل المال الحرام ليس بقضاء الله ، فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره .
ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر الله عز وجل ، فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله .

في الخلافة : الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان ، ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها ، ولا يخرج عليهم ولا تقر بغيرهم إلى قيام الساعة . 
- ص 259 -
في الصحابة وما شجر بينهم : ومن السنة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلهم أجمعين ، والكف عن الذي شجر بينهم ، فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم أو واحدا " منهم ، فهو مبتدع رافضي، حبهم سنة والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة ، والأخذ بآثارهم فضيلة ، وخير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وآله وسلم
أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم ، خلفاء راشدون مهديون .

ثم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد هؤلاء الأربعة ، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا " من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته
، ليس له أن يعفو عنه ، بل يعاقبه ثم يستتبه فإن تاب قبل منه ، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة ، وجلده في المجلس حتى يتوب ويراجع .

في الفرق والمذاهب الأخرى : الكف عن أهل القبلة ، ولا نكفر أحدا " منهم بذنب ولا نخرجهم عن الإسلام بعمل إلا أن يكون في ذلك حديث فيروى كما جاء .

وبقيت هذه العقائد على مر العصور وليومنا هذا ممثلة لعقائد أهل السنة والجماعة ولكن بإضافة بعض ( التعديلات والإصلاحات ) التي أدخلها الأشاعرة والسلفية فيما بعد .









Comments

Popular posts from this blog

Percaya kepada qodho dan takdir

Mustolah Hadits